الموضوع: تساؤل : هل صدر الحُكْمُ الإلاهي بحق هذه الأمة ..؟
الكاتب : خالد بن عايض الأسمري
اليوم : الجمعة
التاريخ: 18/ 05/ 1439 هـ
مختصر الموضوع :
هذه البنوك سبب غضب الله وسخطه على الأُمّة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الملك الديان ، ذي الطول الحنّان المنّان ، مالك كل شيء ورب كل حيٍ ومليكه ، له سبحانه العُبوديةَ المُطلَقةِ فلا معبود بحقٍ سواه ، وله الثناء على كل حال ، وصَلّ اللّهم وسلم وبارك وأنعم على نبينا ورسولنا محمد ، النبي الأمي ، نبي الهُدى والرحمة وعلى آله وأصحابه وعلى كافة الأنبياء والرسل أجمعين ..
أما بعد
عندما تُفَكِّر في تصريف الله سبحانه للكون ومُجْرَيات أحْدَاثِه ، وتتفكر في سُنَنه التي يتخذها الله سبحانه وتعالى مع الأمم .. ثم تقرأ الآيات الكريمة من أوائل سورة العنكبوت
( ألم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا ۚ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4) مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5) وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6) )
تَعْلمُ يقيناً بأن لكل أُمّةٍ فتنة يبتليها الله بها ليمتحن إيمانها وليمّيز الخبيث من الطيب ... وكما أن الأمم السابقة قد حَلَّت بها الفتن والابتلاءات ، تقف وتتساءل هل سيشملنا الله سبحانه وتعالى بهذه السُنّة في زماننا هذا ..؟
( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا .... الآية )
إذاً فإن السُنَّة الإلاهية واحدةً على مَرّ الزمان ولن تتبدل ولن تتغير ...
( سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (62) )
بعد هذا كُلّه تقف وتتساءل .. ماهي فتنة هذه الأُمَّة المُعَاصِرَة ، أُمَّة الجزيرة العربية اليوم ...؟
إنها . . . . { أكْلُ الرِبـَـا }
نعم إن فتنة هذه الأُمَّة اليوم هي - أكل الربا – الذي استشرى فيها وأصبح جُزْءً لا يَتَجَزْأ من حياة جميع أفرادها ( إلا من رَحِمَ الله ) ولا يمكن الاستغناء عنه في نظرها ولا بأي حال من الأحوال .. فلو سألت أي فرد من هذه الأُمَّة هل بإمكانك التخلص من التعامل مع البنوك وهل تؤيد فكرة إيقافها ..؟ سيجيبك فوراً وبدون تردد لا .. وعُذْرَهُ في ذلك بأن الحياة ستتوقف وأن النظام العام سينهار
إذاً فقد بَنَت هذه الأمة بنائها وحضارتها على نظام البنوك الربوية التي هي ركيزة الربا وأصله
كما لو سألت قوم لوط نفس السؤال حول فعلهم المشين ، لكان ردهم مشابه تماماً لرد هؤلاء
*********
( وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6) )
ومن قام ودَعَا إلى أيقاف البنوك لأنها تغضب الله وطالب الأمة بأن تتوقف عن معاقرتها الربا ، فهو في جِهاد بِنَصِّ الآية الكريمة ، ومُجَاهَدتَهُ تلك ليست لحاجة الله جل في علاه إليها .. إنما لِحَاجَةَ المُجَاهِد نفسه إليها لِيُظْهِرَ لله ولرسوله وللناس أجمعين إنكاره لها ومحاربته للربا ، لينجوا من غضب الله ومقته وعقابه في الدنيا ، وفي الآخرة ..
وأخيراً وليس آخراً ، عندما تُنادي وتُطالب وتُناشد الناس وتتحدث إليهم في كل مقام << بأن كُفّوا عن أكل الربا ، وأوقفوا عمل البنوك فوراً >> وتأتيهم بالأدِلّةِ والبراهين على عِظَمِ هذه الكبيرة ، من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة ، يأتيك الرد ( خِواءً ) وكأنك تكلم أصناماً لا تسمع ولا تعقِل ، بل وقد يتعدى الأمر إلى ما هو أكثر من التجاهل ؛ إلى البغض والكراهية والتعنيف .. تقف هنا وقفةَ وَجَلٍ وخوف وتتساءل : هل صدر الحُكم الإلاهي على هذه الأُمّة وانتهى الأمر .. كالسقيم الذي لانفع ولا رجاء من علاجه ؟
( وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16) )
ختاماً : بمشيئة الله تعالى أننا لن نَتَوَقَف عن دعوة الأُمّة إلى الكَف عن إغضاب الله ( بالربا ) والمطالبة المستمرة بإيقاف بنوكها الربوية كافة ، أو على أقل تقدير تغيير نظامها الربوي إلى نظام إسلامي كما يحب الله ويرضى ..
ونسأل الله في ختام حديثنا هذا فنقول : اللهم يا من بيده ملكوت كل شيء ، يامن أمْرُهُ بين الكاف والنون ، يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، نسألك سؤال الوَجِلين الخائفين المُستَضْعَفين والرّاجين لِكَريم عفوك وعظيم سخائك وكرمك ، أن ترُد على أمتنا إيمانها ، وأن ترحم جهلها وتقيل عثرتها وتغفر زلتها وتؤي ضعفها وهوانها وأن ترزقها رؤية الحق يقيناً وتعينها على اتباعه مهما كلفها الأمر ، وأن ترزقها رؤية الباطل يقيناً وتعينها عـلى نبذه وتركـه وتغييره بكل مـا أوتيت من قوّة ، وأن تَهب مَنْ أساء فيها إلى من أصْلَــح ، وأن لا تؤاخــذها بمــا فعــل السفــهاء فيها مِمَن أســرفوا عـلى أنفسـهم بالضـلالة والإضـلال .. وصل اللهم على نبينا ورسولنا الهادي بِهُداك لنشر نورك إلى الناس أجمعين ، محمد ابن عبدالله على آله الطيبين الطاهرين وعلى صحبه الكرام الميامين وعلى كافة أنبيائك وعلى رسلك أجمعين ، وعلى من اتبع هداك إلى يوم الدين ..
اللهم آمين
والحمد لله رب العالمين
أخوكم في الله
خالد بن عايض الأسمري